الرعشات أو النتشات: الأسباب والعلاج

الرعشات أو النتشات أو الخلجات (Tics): المفهوم، الأنواع، الأسباب والعلاج

تعد الرعشات أو النتشات أو الخلجات (Tics) اضطرابات حركية أو صوتية تتميز بحركات مفاجئة وسريعة وغير منضبطة تقوم بها بعض عضلات الجسم أو أصوات يصدرها الشخص بشكل غير إرادي. قد تكون هذه الحركات أو الأصوات مزعجة للشخص المصاب بها ولمن حوله، ولكنها في الغالب غير ضارة صحياً. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة قد تكون شائعة في الأطفال، إلا أنها قد تستمر أحياناً إلى سن البلوغ، وفي بعض الحالات النادرة، قد تظهر لأول مرة في مرحلة البلوغ.

تعريف الرعشات أو النتشات

الرعشات أو النتشات هي حركات لا إرادية تحدث فجأة، وغالبًا ما تكون سريعة، وقد تشمل عضلات معينة من الجسم أو تصدر أصواتًا غير طبيعية. تنقسم هذه الحركات إلى نوعين رئيسيين: الحركات الجسدية والأصوات. في بعض الأحيان، قد يصعب على المصاب التحكم بهذه الحركات أو الأصوات، وقد تؤدي إلى الإحراج أو التوتر النفسي، خاصة إذا كانت تحدث في مواقف اجتماعية.

أنواع الرعشات أو النتشات

1. الرعشات الحركية

تتضمن الحركات غير الطبيعية التي يتم إجراؤها باستخدام عضلات الجسم، مثل:

• الوميض المفاجئ للعينين: وهي إحدى الحركات الأكثر شيوعًا لدى الأطفال، وتتمثل في انقباضات مفاجئة في عضلات الجفن.

• تحريك الرأس بشكل مفاجئ: مثل تحريك الرأس للأمام أو الخلف بشكل متكرر وغير إرادي.

• الحركات السريعة لليدين أو الأرجل: قد تشمل حركات اهتزازية أو حركة مفاجئة للذراعين أو الساقين.

2. الرعشات الصوتية

تشمل الأصوات غير الطبيعية التي تصدر بشكل لا إرادي، مثل:

• التنهدات أو التنهيدات: قد يصدر المصاب أصواتًا غير مرغوب فيها مثل التنهدات المتكررة.

• النباح أو السعال المتكرر: قد يصدر بعض الأشخاص أصواتًا تشبه النباح أو السعال، وهذا يكون غير إرادي تمامًا.

• إصدار كلمات أو أصوات غير لائقة: في بعض الحالات النادرة، قد يترافق مع التشنجات الصوتية كلمات أو عبارات غير لائقة (وهو ما يعرف باسم “الكوبروفوليا”).

أسباب الرعشات أو النتشات

الرعشات أو النتشات قد تظهر نتيجة لعدة عوامل جسدية ونفسية قد تتداخل مع بعضها البعض. وبينما في كثير من الأحيان لا يكون السبب واضحًا، فإن هناك بعض العوامل الرئيسية التي يُعتقد أنها تؤدي إلى هذه الظاهرة:

1. العوامل الوراثية

تعتبر العوامل الوراثية من أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور الرعشات. فقد ثبت أن هناك تاريخًا عائليًا قد يسهم في زيادة احتمالية إصابة الأفراد بها، خاصة إذا كان أحد الوالدين يعاني من اضطرابات مشابهة.

2. الاضطرابات العصبية

تُعد الاضطرابات العصبية من العوامل المؤثرة في ظهور التشنجات الحركية والصوتية. فعلى سبيل المثال، يترافق التوتر العصبي مع زيادة احتمال ظهور الرعشات، حيث تكون هذه الحركات أو الأصوات نتيجة لعدم التوازن في النشاط الكهربائي للمخ.

3. العوامل البيئية والنفسية

يتأثر بعض الأشخاص بالعوامل النفسية والبيئية، مثل التوتر أو القلق. في كثير من الحالات، قد تؤدي الضغوط النفسية والاجتماعية إلى زيادة تكرار ظهور الرعشات. كما أن الأوضاع العاطفية المتقلبة، مثل الفرح المفرط أو الغضب الشديد، قد تؤدي إلى ظهور هذه التشنجات.

4. اضطراب توريت

يعد اضطراب توريت من الحالات المرضية التي تشمل التشنجات الحركية والصوتية. وهو حالة عصبية تظهر غالبًا في مرحلة الطفولة وتتسم بظهور التشنجات بشكل متكرر.

5. تناول بعض الأدوية

قد تكون بعض الأدوية أو المواد السامة مسؤولًا عن ظهور التشنجات، وذلك بسبب تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي. على سبيل المثال، يمكن أن تسبب بعض أدوية مضادة للاكتئاب أو أدوية مضادة للفصام تشنجات أو خلجات.

6. الاختلالات الكيميائية في الدماغ

يعتبر اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ من الأسباب المحتملة للرعشات. حيث تؤثر بعض المواد الكيميائية مثل الدوبامين في التحكم الحركي، وبالتالي قد يؤدي نقص أو زيادة في هذه المواد إلى ظهور الحركات غير الإرادية.

تشخيص الرعشات أو النتشات

يعد تشخيص الرعشات أو النتشات عملية معقدة تتطلب تقييمًا دقيقًا للحالة. يقوم الأطباء عادةً بإجراء فحص سريري شامل، وقد يحتاجون إلى بعض الفحوصات الطبية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG) لاستبعاد الأسباب العصبية الأخرى.

عادةً ما يقوم الطبيب بالتأكد من أن التشنجات ليست نتيجة لاضطرابات عصبية خطيرة، ويشمل ذلك مراجعة التاريخ الطبي للشخص وتحديد ما إذا كان هناك أي حالات طبية قد تفسر هذه التشنجات.

علاج الرعشات أو النتشات

على الرغم من أن معظم حالات الرعشات لا تتطلب علاجًا، فإن هناك بعض الخيارات المتاحة للحد من تأثيراتها على الحياة اليومية.

1. العلاج السلوكي

يتضمن العلاج السلوكي بعض التقنيات مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، الذي يساعد الشخص في تقليل التوتر والسيطرة على ردود أفعاله. يُستخدم هذا العلاج بشكل خاص في الحالات التي تكون فيها الرعشات مرتبطة بالضغوط النفسية.

2. الأدوية

في بعض الحالات، يمكن أن يتم اللجوء إلى الأدوية لتخفيف الأعراض. ومن بين الأدوية المستخدمة لعلاج التشنجات هي:

• الأدوية المضادة للتشنجات: مثل بعض الأدوية التي تستخدم في علاج الصرع أو اضطرابات الحركة.

• المهدئات: لتقليل التوتر الذي قد يكون عاملًا مسهمًا في التشنجات.

• الأدوية التي تعزز عمل الدوبامين: في حالات اضطراب توريت، حيث يمكن أن تساعد في تقليل الحركات غير الإرادية.

3. العلاج النفسي

إذا كانت التشنجات ناتجة عن اضطرابات نفسية مثل القلق أو التوتر، فقد يساعد العلاج النفسي في التعامل مع الأسباب الكامنة التي تؤدي إلى ظهور الرعشات.

4. العلاج الفيزيائي

في بعض الأحيان، يمكن أن يساعد العلاج الفيزيائي في تعليم الشخص تقنيات لتحسين التنسيق الحركي والحد من الحركات غير الإرادية.

5. الجراحة

في الحالات النادرة التي لا تنجح فيها العلاجات الأخرى، قد يلجأ الأطباء إلى الجراحة في الحالات التي تكون فيها الرعشات شديدة للغاية ولا يمكن السيطرة عليها بأي شكل آخر. تتضمن الجراحة في بعض الأحيان التحفيز العميق للدماغ، وهو إجراء يتم من خلاله زرع جهاز كهربائي في الدماغ لتقليل الحركات غير الإرادية.

التوقعات والنتائج

غالبًا ما تختفي الرعشات أو النتشات من تلقاء نفسها مع تقدم الشخص في السن، خاصة في الحالات التي تصيب الأطفال. ومع ذلك، قد يستمر البعض في مواجهتها حتى مرحلة البلوغ. في حالات اضطراب توريت، قد تتراجع الأعراض تدريجيًا مع مرور الوقت، ولكن بعض الأفراد قد يعانون من أعراض مزمنة طوال حياتهم.

من المهم أن يتعامل المصاب مع الرعشات أو النتشات بروح من التفهم، مع العلم أن هذه الظاهرة في الغالب ليست ناتجة عن مشكلة صحية خطيرة.